كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ مَا قَدَّمْته فِي مَبْحَثِ النِّيَّةِ) حَاصِلُ ذَلِكَ وَمَا اخْتَارَهُ الشَّارِحُ م ر إنَّ ظَنَّ صِدْقِ هَؤُلَاءِ مُصَحَّحٌ لِلنِّيَّةِ فَقَطْ ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ بِشَهَادَةٍ مُعْتَبَرَةٍ صَحَّ صَوْمُهُ اعْتِمَادًا عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ فَهُوَ يَوْمُ شَكٍّ يَحْرُمُ صَوْمُهُ هَذَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ صِدْقَهُمْ فَإِنْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ بِأَنْ وَقَعَ الْجَزْمُ بِخَبَرِهِمْ صَحَّ الصَّوْمُ اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّا تَعَبَّدْنَا) إلَى قَوْلِهِ وَقَضِيَّتُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّا تَعَبَّدْنَا فِيهِ إلَخْ) أَيْ: فَلَا يَكُونُ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ بَلْ يَكُونُ مِنْ شَعْبَانَ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَلَا أَثَرَ لِظَنِّنَا رُؤْيَتَهُ لَوْلَا السَّحَابُ لِبُعْدِهِ عَنْ الشَّمْسِ وَلَوْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً وَتَرَاءَى النَّاسُ فَلَمْ يُتَحَدَّثْ بِرُؤْيَتِهِ فَلَيْسَ بِيَوْمِ شَكٍّ وَقِيلَ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ وَلَوْ كَانَ فِي السَّمَاءِ قِطَعُ سَحَابٍ يُمْكِنُ أَنْ يُرَى الْهِلَالُ مِنْ خِلَالِهَا وَأَنْ يَخْفَى تَحْتَهَا وَلَمْ يُتَحَدَّثْ بِرُؤْيَتِهِ فَقِيلَ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ، وَقِيلَ لَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَصَحُّ لَيْسَ بِشَكٍّ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَقِيلَ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ الْخِلَافِ مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ صَوْمُهُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ؛ إذْ بِفَرْضِ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَكٍّ هُوَ يَوْمٌ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ شَعْبَانَ، وَصَوْمُهُ حَرَامٌ ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَالَ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَإِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ إلَخْ هَذَا قَدْ يُوجِبُ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِيَوْمِ الشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْوَصْلِ بِمَا قَبْلَهُ يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ وَغَيْرِهِ وَمَعَ عَدَمِ الْوَصْلِ يَمْتَنِعُ صَوْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْخُصُوصِيَّةُ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَصْلِ يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ مِنْ جِهَتَيْنِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ أَيْضًا فَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي التَّعَالِيقِ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ كَانَ الْيَوْمُ الْفُلَانِيُّ يَوْمَ شَكٍّ فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ نَحْوُهُ فَيُؤَاخَذُ بِذَلِكَ حَيْثُ قُلْنَا: إنَّهُ شَكٌّ ع ش.
(وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ)؛ إذْ تَيَقُّنُ الْغُرُوبِ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الصَّلَاةِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» وَيُسَنُّ كَوْنُهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ كَمَا أَفَادَتْهُ عِبَارَةُ أَصْلِهِ (عَلَى تَمْرٍ) وَأَفْضَلُ مِنْهُ رُطَبٌ وُجِدَ لِمَا صَحَّ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى تَمَرَاتٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَسَا حُسْوَاتٍ مِنْ مَاءٍ».
وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ حُصُولِ السُّنَّةِ بِالْبُسْرِ وَإِنْ تَمَّ صَلَاحُهُ وَبِالْأَوْلَى مَا لَمْ يَتِمَّ صَلَاحُهُ، وَلَوْ قِيلَ بِالْإِلْحَاقِ فِي الْأَوَّلِ لَمْ يَبْعُدْ (وَإِلَّا) تَيَسَّرَ لَهُ أَحَدُهُمَا أَيْ: حَالَ إرَادَةِ الْفِطْرِ فَلَوْ تَعَارَضَ التَّعْجِيلُ عَلَى الْمَاءِ وَالتَّأْخِيرُ عَلَى التَّمْرِ قُدِّمَ الْأَوَّلُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ التَّعْجِيلِ فِيهَا حِصَّةٌ تَعُودُ عَلَى النَّاسِ أُشِيرَ إلَيْهَا فِي لَا يَزَالُ النَّاسُ إلَى آخِرِهِ، وَلَا كَذَلِكَ التَّمْرُ وَفِي خَبَرٍ سَنَدُهُ حَسَنٌ «أَحَبُّ عِبَادِي إلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا» (فَمَاءٍ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلْيُفْطِرْ عَلَى التَّمْرِ» زَادَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِهِ «فَإِنَّهُ بَرَكَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ التَّمْرَ فَعَلَى الْمَاءِ فَإِنَّهُ طَهُورٌ» وَأَخَذَ مِنْهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ وُجُوبَ الْفِطْرِ عَلَى التَّمْرِ، وَالتَّثْلِيثُ الَّذِي أَفَادَهُ الْمَتْنُ فِي التَّمْرِ وَالْخَبَرُ فِي الْكُلِّ شَرْطٌ لِكَمَالِ السُّنَّةِ لَا لِأَصْلِهَا كَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ فَيَحْصُلُ أَصْلُهَا بِأَيِّ شَيْءٍ وُجِدَ مِنْ الثَّلَاثَةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيَظْهَرُ أَيْضًا فِي تَمْرٍ قَوِيَتْ شُبْهَتُهُ وَمَاءٍ خَفَّتْ أَوْ عُدِمَتْ شُبْهَتُهُ إنَّ الْمَاءَ أَفْضَلُ لَكِنْ قَدْ يُعَارِضُهُ حُكْمُ الْمَجْمُوعِ بِشُذُوذِ قَوْلِ الْقَاضِي الْأَوْلَى فِي زَمَانِنَا الْفِطْرُ عَلَى مَاءٍ يَأْخُذُهُ بِكَفِّهِ مِنْ النَّهْرِ لِيَكُونَ أَبْعَدَ عَنْ الشُّبْهَةِ. اهـ. إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ سَبَبَ شُذُوذِ مَا بَيَّنَهُ غَيْرُهُ أَنَّ مَاءَ النَّهْرِ كَالدِّجْلَةِ لَيْسَ أَبْعَدَ عَنْ الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ كَثِيرِينَ مِنْ الْبِلَادِ الَّتِي عَلَى حَافَّتِهَا يَحْفِرُونَ حُفَرًا لِصَيْدِ السَّمَكِ فَتَمْتَلِئُ مَاءً ثُمَّ يَسُدُّونَ عَلَيْهِ فَإِذَا أَخَذُوا السَّمَكَ مِنْهُ فَتَحُوا السَّدَّ فَتَخْتَلِطُ مَاؤُهُمْ الْمَمْلُوكُ بِغَيْرِهِ وَهَذِهِ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ فِيهِ أَيْ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ الْآتِي فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ شَرِيكًا بِعَوْدِهِ لِلنَّهْرِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّا نُسَلِّمُ ذَلِكَ وَمَعَ ذَلِكَ نَقُولُ: إنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَهُوَ مَلْحَظُ الشُّبْهَةِ وَبِفَرْضِ أَنَّ الشُّذُوذَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْوَجْهِ فَلَعَلَّهُ مِنْ حَيْثُ إيهَامُهُ تَقْدِيمَ الْمَاءِ مُطْلَقًا.
وَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ كَالْخَبَرَيْنِ نَدْبُ التَّمْرِ قَبْلَ الْمَاءِ حَتَّى بِمَكَّةَ وَقَوْلُ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ يُسَنُّ لَهُ الْفِطْرُ عَلَى مَاءِ زَمْزَمَ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمْرِ فَحَسَنٌ مَرْدُودٌ بِأَنَّ أَوَّلَهُ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلنَّصِّ الْمَذْكُورِ وَآخِرَهُ فِيهِ اسْتِدْرَاكُ زِيَادَةٍ عَلَى السُّنَّةِ الْوَارِدَةِ وَهُمَا مُمْتَنِعَانِ إلَّا بِدَلِيلٍ وَيُرَدُّ أَيْضًا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَامَ بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ» وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا يُخَالِفُ عَادَتَهُ الْمُسْتَقِرَّةَ مِنْ تَقْدِيمِ التَّمْرِ فَدَلَّ عَلَى عَمَلِهِ بِهَا حِينَئِذٍ وَإِلَّا لَنُقِلَ وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ لَمْ تَمَسَّهُ نَارٌ مَعَ إزَالَتِهِ لِضَعْفِ الْبَصَرِ، الْحَاصِلِ مِنْ الصَّوْمِ لِإِخْرَاجِهِ فَضَلَاتِ الْمَعِدَةِ إنْ كَانَتْ وَإِلَّا فَتَغْذِيَتُهُ لِلْأَعْضَاءِ الرَّئِيسَةِ وَقَوْلُ الْأَطِبَّاءِ إنَّهُ يُضْعِفُهُ أَيْ: عِنْدَ الْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهِ وَالشَّيْءُ قَدْ يَنْفَعُ قَلِيلُهُ وَيَضُرُّ كَثِيرُهُ وَصَرِيحُهُمَا أَيْضًا أَنَّهُ لَا شَيْءَ بَعْدَ التَّمْرِ غَيْرُ الْمَاءِ.
فَقَوْلُ الرُّويَانِيِّ إنْ فُقِدَ التَّمْرُ فَحُلْوٌ آخَرُ ضَعِيفٌ وَالْأَذْرَعِيُّ الزَّبِيبُ أَخُو التَّمْرِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِتَيَسُّرِهِ غَالِبًا بِالْمَدِينَةِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ) أَيْ: بِتَنَاوُلِ شَيْءٍ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ حُصُولِ سُنَّةِ التَّعْجِيلِ بِالْجِمَاعِ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إضْعَافِ الْقُوَّةِ وَالضَّرَرِ شَرْحُ م ر وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُ الْفِطْرِ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ وَرَأَى أَنَّ فِيهِ فَضِيلَةً وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الصَّلَاةِ) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ أُقِيمَتْ الْجَمَاعَةُ، وَأَحْرَمَ الْإِمَامُ أَوْ قَرُبَ إحْرَامُهُ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَفْطَرَ عَلَى نَحْوِ التَّمْرِ بَقِيَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَخَشِيَ سَبْقَهُ إلَى جَوْفِهِ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِتَنْظِيفِ فَمِهِ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ أَوْ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ فَيُتَّجَهُ هُنَا تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ وَتَأْخِيرُ الْفِطْرِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْإِمَامِ وَالْجَمَاعَةِ تَقْدِيمُ الْفِطْرِ لَكِنْ لَوْ خَالَفُوا وَتَرَكُوا الْأَفْضَلَ مَثَلًا وَتَعَارَضَ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ مَثَلًا مَا ذُكِرَ قُدِّمَ الْإِحْرَامُ وَلَا يُنَافِي كَرَاهَةَ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ تَتُوقُ نَفْسُهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّوَقَانَ غَيْرُ لَازِمٍ هُنَا وَكَلَامُنَا عِنْدَ عَدَمِهِ.
(قَوْلُهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ مَا.
(قَوْلُهُ: وَالتَّثْلِيثَ الَّذِي أَفَادَهُ الْمَتْنُ) وَجْهُ إفَادَتِهِ أَنَّ التَّمْرَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَأَقَلُّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ ثَلَاثٌ وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِاسْمِ الْجِنْسِ الْجَمْعِيِّ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى طَلَبِ خُصُوصِ التَّثْلِيثِ؛ إذْ مُفَادُهُ لَيْسَ إلَّا الْجَمْعَ وَهُوَ صَادِقٌ بِغَيْرِ الثَّلَاثِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ فَيَحْصُلُ أَصْلُهَا) أَيْ: هَذِهِ السُّنَّةُ الْخَاصَّةُ وَإِلَّا فَأَصْلُ سُنَّةِ التَّعْجِيلِ يَحْصُلُ بِغَيْرِ الثَّلَاثَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَفِي حُصُولِهِ بِنَحْوِ مِلْحٍ وَمَاءِ مِلْحٍ نَظَرٌ، وَكَذَا بِنَحْوِ تُرَابٍ وَحَجَرٍ لَا يَضُرُّ وَالْحُصُولُ مُحْتَمَلٌ وَفِيهِ أَيْ: الْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ كُرِهَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ بِمَاءٍ وَيَمُجَّهُ، وَأَنْ يَشْرَبَهُ وَيَتَقَايَأَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ قَالَ: وَكَأَنَّهُ شُبِّهَ بِالسِّوَاكِ لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِكَوْنِهِ يُزِيلُ الْخُلُوفَ. اهـ. وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ كَرَاهَةَ السِّوَاكِ لَا تَزُولُ بِالْغُرُوبِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِهِ يُرَدُّ بِأَنَّ الظَّاهِرَ تَأَتِّيه مُطْلَقًا لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي شَرْحِ م ر وَقَدْ يُوَضَّحُ الرَّدُّ بِأَنَّ الْخُلُوفَ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَمَّا كَانَ مِنْ آثَارِ الصَّوْمِ كُرِهَ مَا هُوَ مَظِنَّةُ إزَالَتِهِ مِمَّا لَا يُطْلَبُ إلَّا فِي طَهَارَةٍ وَهُوَ الْمَضْمَضَةُ وَبِهَذَا يُفَارِقُ السِّوَاكَ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ إلَّا لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ رَجَعَ السِّوَاكُ إلَى أَصْلِهِ مِنْ الطَّلَبِ، وَالْمَضْمَضَةُ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ هُنَا وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا وَهِيَ مَظِنَّةُ إزَالَةِ أَثَرِ الصَّوْمِ فَكُرِهَتْ وَقَضِيَّةُ هَذَا كَرَاهَةُ التَّمَضْمُضِ وَإِنْ لَمْ يَمُجَّهُ بَلْ ابْتَلَعَهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَلَعَلَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ فِي مَضْمَضَةٍ هِيَ مَظِنَّةُ إزَالَةِ الْخُلُوفِ إنْ اشْتَمَلَتْ عَلَى تَحْرِيكِ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَأَمَّا كَرَاهَةُ شُرْبِهِ ثُمَّ تَقَيُّؤُهُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ فِيهِ إضْعَافًا لِلصَّائِمِ وَالْمَطْلُوبُ تَقْوِيَتُهُ وَيُسَنُّ السُّحُورُ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ مَلْحَظُ الشُّبْهَةِ) قَدْ يُقَالُ لَا اعْتِبَارَ بِمِثْلِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ لِلْقَطْعِ بِطِيبِ خَاطِرِ مَالِكِهِ وَرِضَاهُ بِأَخْذِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّهُ يُقْطَعُ عَادَةً فِي الْغَالِبِ بِأَنَّ مَنْ يَأْخُذُهُ مِنْ خَالِصِ الْمُبَاحِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمْرِ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْجَمْعُ عَلَى وَجْهٍ يَدْخُلَانِ بِهِ الْبَاطِنَ مَعًا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ لَمْ تَمَسَّهُ نَارٌ مَعَ إزَالَتِهِ لِضَعْفِ الْبَصَرِ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي مَاءِ زَمْزَمَ أَخْذًا مِنْ الْخَبَرِ الْوَارِدِ بِأَنَّهُ لِمَا شُرِبَ لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسَاوِيَ التَّمْرَ وَلَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ أَمَّا أَوَّلًا فَلَوْ سَلِمَ وُجُودُ هَذَا الْمَعْنَى فِيهِ وَإِلَّا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي مُسَاوَاةَ مَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ بِخُصُوصِهِ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّ لَهُ مِنْ التَّأْثِيرِ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا لَيْسَ لِمَاءِ زَمْزَمَ وَأَمَّا ثَانِيًا فَقَدْ يَكُونُ وُجُودُ هَذَا الْمَعْنَى فِيهِ مِنْ جِهَةِ بَرَكَتِهِ وَفِي التَّمْرِ مِنْ جِهَةِ خَاصَّتِهِ وَوَضْعِهِ لِهَذَا النَّفْعِ فَهُوَ أَبْلَغُ فِيهِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ) أَيْ بِتَنَاوُلِ شَيْءٍ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ حُصُولِ سُنَّةِ التَّعْجِيلِ بِالْجِمَاعِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إضْعَافِ الْقُوَّةِ وَالضَّرَرِ شَرْحُ م ر. اهـ. سم قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَهُوَ مُحْتَمَلٌ مُعْتَمَدٌ. اهـ. وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَيْ: مَا فِي الْجَوَاهِرِ أَيْضًا عَدَمُ حُصُولِهَا بِالِاسْتِقَاءَةِ أَوْ إدْخَالِ نَحْوِ عُودٍ فِي أُذُنِهِ أَوْ إحْلِيلِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ م ر مِنْ التَّعْلِيلِ يَأْبَى ذَلِكَ. اهـ. وَقَالَ الشَّارِحِ فِي الْإِيعَابِ مَا نَصُّهُ وَعَبَّرَ أَيْ: الْمُصَنِّفُ كَالْقَمُولِيِّ بِتَنَاوُلِ الْمُفْطِرِ؛ لِأَنَّهُ أَفْطَرَ بِالْغُرُوبِ، وَقَضِيَّتُهُ حُصُولُ أَصْلِ السُّنَّةِ بِسَائِرِ الْمُنَافِيَاتِ لِلصَّوْمِ كَالْجِمَاعِ. اهـ.
وَجَمَعَ شَيْخُنَا بِمَا نَصُّهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا الْجِمَاعَ أَفْطَرَ عَلَيْهِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَا يُسَنُّ الْفِطْرُ عَلَيْهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَجَدَ غَيْرَهُ. اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَعْجِيلُ الْفِطْرِ) يَنْبَغِي سَنُّ ذَلِكَ وَلَوْ مَارًّا بِالطَّرِيقِ وَلَا تَنْخَرِمُ مُرُوءَتُهُ بِهِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ مِنْ طَلَبِ الْأَكْلِ يَوْمَ عِيدِ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَوْ مَارًّا بِالطَّرِيقِ ع ش.
(قَوْلُهُ إذَا تَيَقَّنَ الْغُرُوبَ) خَرَجَ بِهِ ظَنُّهُ بِاجْتِهَادٍ فَلَا يُسَنُّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ بِهِ وَظَنُّهُ بِلَا اجْتِهَادٍ وَشَكُّهُ فَيَحْرُمُ بِهِمَا كَمَا مَرَّ ذَلِكَ مُغْنِي وَإِيعَابٌ وَأَسْنَى وَشَرْحُ بَافَضْلٍ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ وَمَحَلُّ النَّدْبِ إذَا تَحَقَّقَ الْغُرُوبُ أَوْ ظَنَّهُ بِأَمَارَةٍ. اهـ. قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر أَوْ ظَنَّهُ بِأَمَارَةٍ قَدْ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي جَوَازِ الْفِطْرِ إذَا ظَنَّ الْغُرُوبَ بِالِاجْتِهَادِ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِنَدْبِ التَّأْخِيرِ. اهـ. عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ هَذَا أَيْ: عَدَمُ سَنِّ التَّعْجِيلِ مَعَ عَدَمِ تَيَقُّنِ الْغُرُوبِ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِهِمْ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ نَظْمِ الزَّبَدِ لِلْجَمَالِ الرَّمْلِيِّ وَخَرَجَ بِعِلْمِ الْغُرُوبِ ظَنُّهُ فَلَا يُسَنُّ إسْرَاعُ الْفِطْرِ بِهِ وَلَكِنَّهُ يَجُوزُ إلَخْ وَوَقَعَ لَهُ فِي النِّهَايَةِ وَمَحَلُّ النَّدْبِ إذَا تَحَقَّقَ الْغُرُوبُ أَوْ ظَنَّهُ بِأَمَارَةٍ انْتَهَى. اهـ.
(قَوْلُهُ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الصَّلَاةِ) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ أُقِيمَتْ الْجَمَاعَةُ وَأَحْرَمَ الْإِمَامُ أَوْ قَرُبَ إحْرَامُهُ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَفْطَرَ عَلَى نَحْوِ التَّمْرِ بَقِيَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَخَشِيَ سَبْقَهُ إلَى جَوْفِهِ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِتَنْظِيفِ فَمِهِ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ أَوْ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ تَكْبِيرُ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ فَيُتَّجَهُ هُنَا تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ وَتَأْخِيرُ الْفِطْرِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْإِمَامِ وَالْجَمَاعَةِ تَقْدِيمُ الْفِطْرِ لَكِنْ لَوْ خَالَفُوا وَتَرَكُوا الْأَفْضَلَ مَثَلًا وَتَعَارَضَ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ مَثَلًا مَا ذُكِرَ قَدَّمَ الْإِحْرَامَ وَلَا يُنَافِي كَرَاهَةَ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ تَتُوقُ نَفْسُهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّوَقَانَ غَيْرُ لَازِمٍ هُنَا وَكَلَامُنَا عِنْدَ عَدَمِهِ سم.